…فقط لو أن إيمانك أقوى لـ

post Image>

يتحدّثُ الجميع عن الاستثمارات في الأسهم وأنها الطريق السريع لبناء بيت الأحلام وتحقيق أهدافك المستقبلية في وقتٍ قصير؛ فالسوق في أوجِ نشاطه هذه الأيام. تقوم بالاقتراض من البنك وتطلب من زوجتك الانضمام معك لتحقيق أحلامكما؛ فتبيع مجوهراتها. ترهن شقتك، وتضع كل مدّخراتك في سوق الأسهم، ولكن ما لم يوضع في الحسبان يحدث وتنهار سوق الأسهم انهيارًا كبيرًا مصححةً وضعها.

 تضيعُ كل مدّخراتك وتتطاير أحلامك ويُحاصرك قرض البنك الذي عليك إيفاءه من راتبك خلال الخمس سنوات القادمة…ضاعت كل أحلامك وأكثر ما آلمك شعورك بتأنيب الضمير تجاه زوجتك لخسارتها معك أيضًا!

تدخل في صدمةٍ شديدة؛ كل شيءٍ أصبح مظلمًا ولا أمل في مستقبلٍ أفضل حالًا كما كنت تحلم، تُكبّلك الديون ويُلاحقك الديّانة فتعتزل الناس وتلزمُ الصمت.

يزورك صديقك فيقول لك “لمَ كل هذا الأسى والحزن؟ لو كان إيمانك قويًا لحاربت الاكتئاب وتغلّبت عليه

فقد مر بظروفٍ صعبة مثلك ولم يسقط في البئر مثلك! كل ما تحتاجه هو جرعةٌ من الإيمان أقوى!”

يزدادُ حنقك وغيظُك فتنغلق على نفسك أكثر!

تكتشفينَ خيانة زوجكِ فتنهارين ولكنكِ تُقرّرين الصبر من أجلِ أبنائك. تكبتين أساكِ، وتنفجرينِ على أبنائكِ في كثيرٍ من الأحيانِ كلما اكتشفت أمرًا جديدًا يخصُّ خيانته، وفي كل مرة تجدين أهلكِ يقولون “ولكنه رجل طيبٌ وحنونٌ على أبنائه” يزداد غيظك؛ فلا شيء يُبرّر الخيانة…

تلومين نفسك وتشعرين أنكِ لم تصبري على الابتلاء فتستغفرين الله. تنتابكِ نوباتُ بكاءٍ هستيرية فتكبتينَ حزنكِ وتعتزلينَ الناس، 

ثم تتساءلين: “ربما إذًا هناك خللٌ في إيماني!”

منذ أن توفّت ابنتكِ وأنتِ تعيشين في حزنٍ غامرٍ لا تستطيعين الخروج منه، تعلمين أنه قدر الله سبحانه وتعالى وأنّ لكلِّ أجلٍ كتاب، تعلمين أيضًا أن ابنتك كانت هبةً من الله الوهاب الرزّاق وهبكِ إيّاها فكانت نورًا أضاءت حياتكِ وزانتها وزادتها بهجةً ولعشرينَ عام! تقولين، هو الله المنعم أهداني ووهبني إياها من واسعِ كرمه وفضله فكيف لي أن أستاء وأتضجّر على من أعطى وأكرم ووهب ابتداءً من غير حول مني ولا قوة!  

حضورها في حياتكِ علّمكِ الكثير؛ وكأنها جاءت لتعلمك درسًا وترحل. جادت عليكِ بالكثير الكثير؛ لم تكن طفلةً عادية علمتِ ذلك منذ أن تلحّفت رحمكِ وعانقت عيناكِ كالنسمة كانت تمامًا، عليلةً طيبة الرائحة لا يمكن أن تضر ولا تجلب معها إلا الخير، كل الخير.

تشكرين الله وتحمدينه سبحانه على هذه الهبة وهذه العطية وتقولين راضيةً بما قسمتَ عليّ يا ربِّ، ولكنّ قلبي مكسورٌ مجروحٌ ينزف بقوة! 

تقول لك صديقتك: “لو أنك كنتِ أكثر إيمانًا لكنتِ أشدّ صبرًا، لقد مرّ شهران على وفاتها ألا تعتقدين أن الأوان قد حان للعودة إلى حياتكِ الطبيعية؟ هل جربتِ الصلاة وقراءة القرآن أكثر؟ قراءة ُالقرآن والذكر كافيةٌ لأن تداوي جراحك!” 

تتفكرين، ما هذه القسوة؟ ومنذ متى كان الحزن عدوًا للصبرِ والرضا فالرسول عليه الصلاة والسلام حزِن لوفاة ابنه إبراهيم؟ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ” دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَيْفٍ القَيْنِ، وَكَانَ ظِئْرًا لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَبَّلَهُ، وَشَمَّهُ، ثُمَّ دَخَلْنَا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ – وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ-، فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ:  يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ  ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُون “رواه البخاري

هنا يخبرنا عليه أفضل الصلاة والسلام أن الدمع رحمةٌ تُنفّسُ عن القلب الحزين ولا تضيعُ من أجرِ الصبر شيئًا!

ألم يُسمّى عام وفاةِ سيدتنا خديجة رضي الله عنها وعمه أبو طالب بعامِ الحزن؟ ذلك أن الرسول حزن كأي بشرٍ يمرُّ بهكذا مصاب، حزنه لم يمنعه أجر الصابرين.

تشعرين أن ما يحدث معك هو تخديرٌ دينيٌّ واجتزاءٌ روحي، وكأنه من غير المسموح لكِ أن تشعري وتتألمي وأنتِ مؤمنةٌ بالله سبحانه وتعالى! من المفترض أن تُزيحي مشاعركِ وتبعديها وتستبدليها بالصلاةِ والدعاء والذكر وقراءة القرآن. تُفكّري؛ أليس هذا خلطًا بين دور الدين وعلم النفس؟ ذلك أن معظم الناس لُقّنوا أن الحزن وقوة الإيمان لا يجتمعانِ في قلب مؤمنٍ وأن صاحب الإيمان القوي لن ينخرطَ في السلوك سلبي! تقولين، عندما أصف شعوري ثم يأتي من يحدّثني عن الله على الفور أشعرُ أنه يتجاوز مشاعري!

ما أريده حقًا هو الجلوس مع الشعور ومع الله سبحانه وتعالى.

يمكن للكثيرين التعامل مع الدين حقًا باعتباره وسيلةً وأداةً لتجنب فهم الذات ولتخدير المشاعر! أعني أنك قد تسمع كثيرًا: “لا ينبغي عليك أن تقلق فهذا يعني أن إيمانك ليس قويًا بما يكفي وأنت لا تتوكل على الله حق التوكل”، “إذا كنت مؤمنًا قويًا فلن تبتئس وتحزن!”، ولكنّ القرآن مليءٌ بآياتٍ تتحدّث عن مشاعرِ الأنبياءِ عند المِحَن والابتلاءات؛ فيعقوب عليه السلام اشتدّ عليه الحُزن حتى ابيَضّت عيناه “وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كظيم”

فالرضا لا يُبطل بمجرد التألم أو الحزن، فالإنسان قد يتألّم بمُقتضى طبيعته البشرية، ومع ذلك هو راضٍ بما قدّرهُ الله وقضاه. يقول ابن القيم في مدارج السالكين:” الرضا بالقضاء الكوني القدري، الجاري على خلاف مراد العبد ومحبّته مما لا يلائمه ولا يدخل تحت اختياره – مستحب، وهو من مقامات أهل الإيمان وفي وجوبه قولان. وهذا كالمرض والفقر، وأذى الخلق له، والحر والبرد، والآلام ونحو ذلك”.

ثم يقول في موضعٍ آخر:” الرضا أعلى من الصبر، فهو صبرٌ وزيادة؛ لأن الصابر يمسك نفسه عن السخط والشكوى، مع أن قلبه قلق يتمنى لو أنه لم ينزل به هذا البلاء. أما الراضي، فمع إمساكه لنفسه عن التسخّط والشكوى؛ فهو مطمئن القلب، منشرحُ الصدر بهذا القضاء. وليس من شرط “الرضا” ألا يحسّ بالألم والمكاره؛ بل ألّا يعترض على الحكم، ولا يتسخّطه” 

بالرغم من ذلك يميل الكثير للاعتماد على الممارسات الروحية بدلاً من الجلوس مع الشعور والاستبصار نحو الذات وفهم تكوينها والعمل على إصلاحها وتقويمها وهو ما يسمى “بالتجاوز الروحي”(spiritual bypassing). هذا المصطلح صاغه عالم النفس جون ويلوود ويعرّفه بأنه: “عملية يتم من خلالها استخدام الأفكار والممارسات الروحية للابتعاد أو تجنب مواجهة المشكلات العاطفية والجروح النفسية”، فمثلًا في أوقات الصدمات أو الحزن، قد يقول لك البعض: “يجب أن تصلي أكثر. يبدو أنك لم تصلي بما فيه الكفاية!”

 الاجتزاء الروحي يدعونا أن نقلّل من أهمية مشاعرنا ونتجاوزها بأن ننغمس أكثر في الممارسات الروحية. وفي الحقيقة ما يحصل هو أن شعور الحزن إذا لم يأخذ المساحة ليُعاش ويمضي يتحوّل إلى غضبٍ يُزمجِر ويخرج على شكل انفجارات على من هم أضعف حيلةً كالأطفال والعاملين وبهذا يتحوّل الحزن من كونهِ أمرًا شخصيًا إلى غضبٍ ثائرٍ يُهلك صاحبه ويُؤثَم عليه. 

إن الجلوس مع الذات واستدراك التجارب النفسية التي مرّت والسماح للمشاعر أن تأخذ حيّزها لهو أمرٌ مرهق ومتعب ومنهك للنفس البشرية ويتطلّب الكثير من العمل والنضال، لذلك نفضّل أن نتجاوز هذا الواقع العاطفي ونستخدم الروحانية لعدم القيام بهذا العمل الشاق الذي يتطلب كثيرًا من الصبر والشجاعة، لكنه الطريق للنور الحقيقي الذي يُحيي القلوب. وكما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “إنها القلوب يا علي إذا صَفَت رأت بنور الله”

ندعو الله سبحانه وتعالى أن يزيل عن قلبك كل العوائق والعلائق وأن يملأ قلبك نورًا وينزل عليك سكينته ويؤمن خوفك وجزعك باسمه المؤمن سبحانه.

ندعوك هنا أيضًا لبعض الأساليب الصحية للتعامل مع المشاعر الصعبة حين يقال لك: ” فقط لو كنت أقوى إيمانًا!” أو حين تقولها لنفسك!

طريقك إلى الله يستدعي صفاء قلبك

١.بداية يمكنك أن تخبر القائل بأن شعورك لا ينفي إيمانك بقدر الله سبحانه وتعالى ورضاك به وأن “لو” تلك هي مدخلٌ لعمل الشيطان! ارفض وبقوة هذه اللغة وهذا الاجتزاء الروحاني الذي يطرحه وأخبره أن ذلك لم يمنع الأنبياء من الشعور بالحزن والقلق مثل أم موسى عليه السلام ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ القصص آية ١٠.

 إن كان من يحدّثك يريد مساعدتك حقًا فليدعوه سبحانه وتعالى أن يربط على قلبك كما ربط على فؤاد أم موسى. وإن كان يريد لومك على مشاعرك فالأفضل إغلاق أذنيك عن نصائحه غير الرحيمة!

٢. كبَشَر، نحاول التعامل مع المشاعر السلبية بطرق مختلفة. غالبًا ما نحاول إبعاد وإِخماد مشاعرنا الصعبة أو مشاعر الآخرين الصعبة؛ ذلك أننا نشعر بعدم الارتياح في حضرة المشاعر الصعبة. لذلك قد تقوم بالتجاوز الروحي مع صديقك فقط لأنك لا تشعر بالراحة لرؤية من تحب يتألم!

إن كنت صدقًا تريد دعم صديقك اسمح لهُ بالبوح وأعطِه الأمان بأن كل مشاعره مقبولة ومفهومة، ساعده على التعبير وفهم مشاعره، في الغالب ما يَودّهُ صديقك حقًا هو صديقٌ يسمعه بقلبه لا يحكم على مشاعره، ويؤكّد مشاعره ولا يقلّل من شأنها.

٣.هناك طريقة أخرى قد نحاول بها رفض هذه المشاعر الصعبة وهي من خلال التبرير؛ تسعى عقولنا دائمًا إلى فهم العالم، خاصة عندما تبدو الأمور فوضوية. تحاول أدمغتنا بشكلٍ طبيعيٍ إجراء ربط ٍواتصالٍ بين الأحداث بهدف الفهم وللحماية من تكرار الخطأ. قد يقوم دماغك بربطِ حدَثين أو فكرتين تحدثان في نفس الوقت تقريبًا سواءً كانت هناك علاقة فعلية بينهما أم لا. لذلك، عندما تشعر بالإحباط، قد تشعر بأنك تبتعد عن الله سبحانه وتعالى بذلك، وقد يؤدي إلى ذلك ربط مشاعر الحزن أو الأذى أو الألم بنقص الإيمان على الرغم من أن الاثنين ليسا مرتبطين بالضرورة.

٤. لم يوبّخ الله سبحانه وتعالى النبي محمد ﷺ عندما حزن على فقده ابنه، لأن الحزن والحزن المرتبط بالفقد والألم وكل المشاعر الصعبة لا تدُل على شكٍّ في الله سبحانه وتعالى ولا ضعف في علاقتنا به؛ خلق الله سبحانه وتعالى العواطف والمشاعر لتخدم غرضًا. لذلك، فإن إخبار نفسك بأنه “لا ينبغي” أن أشعر بطريقة معينة ينكر جزءًا أساسيًا وضعه الله بداخلك.

٥. عندما نخلق توقعاتٍ غير واقعية نحو أنفسنا والآخرين من حولنا، فإننا ننخرط في نمط تفكيرٍ غير صحي يسمى ” ينبغي ويجب”. هذا النوع من التشويه المعرفي الذي نستخدم فيه كلماتٍ مثل “ينبغي” و”لو أن” و”يجب” تخلق أفكارًا تقودنا إلى الشعور بالاستياء كما يمكن لهذه العبارات أن تضع معايير لنا لا يمكن تحقيقها ولا تسمح لنا بالمرونة.

نمط التفكير هذا هو الذي يؤدي إلى عدم الرضا والسخط والندم المستمر كما يؤدي إلى تشوهات معرفية أخرى يمكن أن تؤدي إلى صورة ذاتية سلبية تبعدنا عن معرفة الله سبحانه وتعالى حق المعرفة وتُعيقنا في طريقنا نحو السير إليه وإلى صراطه المستقيم.

  ٦. علينا أن نفهم أيضًا أن ما تجلبه الصدمة من مشاعر هي مختلفة عن مشاعر الحزن العابرة التي تمرُّ بأي إنسانٍ والتي تُداوى بالذكر وقراءة القرآن. وبينما القرآن شفاءٌ لما في الصدور والصلاة تعافي الأرواح كما كان يقول رسولنا الكريم “أرحنا بها يا بلال”؛ فإن الله سبحانه وتعالى لم يُلزمنا بها فقط وسمح لنا بالتزوّد بالعديد من الوسائل الأخرى والتي من الممكن أن تساعدنا في رحلتنا نحو الشفاء من الصدمات كالعلاج النفسي والدوائي. 

فالشخص الذي يعاني بسبب جرحٍ عاطفي أو نفسي يحتاج إلى مداواة الجرح بالعلاج المناسب كأيِّ داء! كما يقول رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: “إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داءٍ دواء فتداووا ولا تداووا بحرام”. 

فاللهم داوي جراحنا التي تكوي ولا تُرى وامسح عليها بيمينك الشافية المعافية إنك على كل شيءٍ قدير وبالاستجابة جدير.

:المصادر

https://tinyurl.com/3y7eep57

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة + ستة عشر =

تعليق واحد

  1. Salih Al-blwysays:

    شكرًا رولا على مقالتك الشيقة المليئة بكلام الله و كلام الحبيب سبحان الله القرآن ما هالط شي إلا زانه و زاده رقة وجمال اتأمل كلماتك فلا اجد من نفسي إلا الارتياح و السعادة فسُكرًا و شكرًا لك 🙏🏻♥️

Join our mailing list

Be the first to know about our new products and promotions and enjoy the enriching weekly newsletters.