Join our mailing list
Be the first to know about our new products and promotions and enjoy the enriching weekly newsletters.
Last Update أبريل 2, 2024
كم مرة استطعت فيها أن تصل لحالة الحضور التام؟
تلك اللحظة التي تكون فيها حاضرًا هنا والآن…..
داخل الحيز المكاني والزماني في آنٍ واحد
فلا أفكار تأخذك للماضي ولا قلق يراودك عن المستقبل!
فقط في حالة حضورٍ تام مستشعرًا كل ما يحيط بك
لحظة بلحظة!
نحن للأسف غالبًا ما نكون مشغولين ومغمورين في العيش في كل مكان باستثناء الحاضر! نفكر باستمرار في الماضي ونشعر بالندم على علاقتنا التي فشلت أو الفرص التي ضاعت أو الأخطاء التي ارتكبناها فيحاصرنا الشعور بالذنب أو نقلق بشأن ما سيحدث في المستقبل! في كلا الحالتين نتأرجح ما بين ندم وقلق وخوف يخنقنا. العيش ما بين الحاضر والمستقبل لا يسمح لنا بأن نكون حاضرين لما هو موجود معنا الآن وما يتكشف لنا في كل لحظة، وما يتجلى من لطف الله، والرزق والبركة والخير مما يجعلنا شهودًا على أسماء الله وصفاته. لذلك غالبًا ما نفقد الشعور بالحضور والتواجد الحقيقي.
لحظة تفكر
هل الأرضية التي تضع عليها قدميك الآن
باردة أم دافئة؟
ترابية أم رخامية أم إسفنجية؟
تستشعر قدميك اللتين تحملانك حيث تريد وباستطاعتهما أخذك إلى أعالي الجبال ارتفاعًا وإلى أعمق سهول الأرض انخفاضًا
تقول الحمد لله الحمد لله
تأخذ نفسًا عميقًا شهيقًا وزفيرًا
وتقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
ينسابُ نفسُك بهدوء شهيقًا وزفيرًا بغير حولٍ منك ولا قوة
تحاول الحضور والتركيز في اللحظة الحالية فهي ما تمتلكه فقط الآن
تأذن لنفسك بأن تفتح نافذة نحو قلبك
ولكن ما الذي يسكنه يا ترى؟
معرفتك لقلبك هو طريقك لمعرفة ربك
رُوِيَ عن الإمام علِيَّ رضي الله عنه أنه قال: “عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْهَلُ نَفْسَهُ كَيْفَ يَعْرِفُ رَبَّهُ”. لأن الإنسان إذا عرف قلبه عرف نفسه وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه وإذا جهل قلبه فقد جهل نفسه وإذا جهل نفسه فقد جهل ربه!
فالله سبحانه وتعالى يحولُ بين المرء وقلبه وحيلولته -كما يقول الإمام الغزالي- بأن يمنعه عن مشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته سبحانه وتعالى في كل ما هو موجود!
ما الذي يسكن قلبك؟
أهو امتنان وحمد لله المنعم؟
أم ندم ناتج عن ذنب حاولت مرارًا التوبة عنه؟
أم حبٌّ كبيرٌ يلف ويروي من حولك؟
أم غضب يخرج ثائرًا مزمجرًا في بعض الأحيان بسبب أحزان متراكمة لم تسمح لنفسك أن تشعر بها؟ فتحول حزنك المدفون إلى ثورة غضب مهلكة تؤذي من حولك؟
هل هناك مشاعر أخرى ربما لا تود أن يعلمها أحد؟
هل يملأه الفرح والفخر لصديقك الذي وهبه الله من الصفات ورتب له من الأقدار ما أهّلَه لتقلّد منصب مهم أم حسد وغيرة لأنك ترى أنك أكثر جدارة منه؟
هل يسكنه التواضع لأنك تعلم أنك غني بربك فلا أحد غيره يغنيك أم به كبر وعجب وغرور على من هم أقل منك حظًا ظانًّا أنك المتفضل عليهم بالإحسان والرزق ناسيًا أنه هو الرزاق المنعم سبحانه وما أنت إلا وسيلة أجرى بها رزقه على يديك!
هل يكسوه إيمان ويقين وحمد لله المنعم أن ساقك إليه وأذن لك بتعبده؟ أم به استحقار ودونية لمن هو منغمسٌ في المعاصي؟ ولا تعلم أن الله قادر على أن يغير حالك لحاله فهو مقلب القلوب سبحانه
ماذا عن نواياك؟ هل نجوت من الرياء عند قيامك بالعمل سرًا؟ ماذا عن رياء نفسك لنفسك؟ أي عندما تعجب بعملك فتعمل لكي ترضى عن نفسك وتزكي نفسك لنفسك يقول الله تعالى: “فلا تُزكّوا أَنفُسَكَم هُوَ أَعلَمُ بِمَن اتّقَى”
لِننوِي هذه النية في هذا الشهر أن يكون الهدف والمقصد من التعرّف على ما في القلب والنظر إليه بنية تطهيره وتزكيته من أي مهلكات تسكنه قاصدين متوجهين بذلك السير إلى طريق الله المستقيم راجين أن نلحق بأهل الاستقامة ونكون فيمن قال الله عنهم ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾
[ فصلت: 30]
ما الذي يسكن قلبك؟
رمضان هو طريقك لمعرفة قلبك
شُرعت الصلاة لتكون بمثابة غذاء حقيقي لأرواحنا المجهدة في خضم الحياة. دقائق معدودة تعيد ترتيب دواخلنا وتجلب لنا الراحة عندما نكون قادرين على التركيز بشكلٍ كامل على كلماتنا وحركاتنا ومشاعرنا داخل أجسادنا أثناء صلاتنا لنصل لحالة الخشوع. فأصبحت الصلاة بمثابة الحد الأدنى الذي تحتاج إليه هذه الروح لتقوم بوظيفتها. دعانا الله للاستزادة باعتزال البشر والخلوة به سبحانه في الربع الأخير من الليل “وبالأسحار هم يستغفرون”
وفي حين أننا في انشغال دائم لا وقت لدينا للمداومة على هذه الاستزادة؛ يأتي الله لنا بشهر رمضان من كل عام بمثابة خزّان لملئ أرواحنا التي فرغت من بعده ونحن نجري في خضم هذه الحياة فيعيد ملأها من جديد. خلق الله أرواحنا وهي بحاجة لهذه اللحظات من الخلوة والعزلة والتفكر في ملكوته سبحانه وتعالى وفي أنفسنا.
يأتي رمضان كل عام ليضعنا في مواجهة حقيقية مع ذواتنا ويدعونا فيه أن نملأ أرواحنا من جديد. يقول الإمام أحمد بن خضروية: ” القلوب أوعية، فإذا امتلأت من الحق، أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح، وإذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح”.
يأتي شهر رمضان كل عام كمعسكرٍ تدريبي روحي نلزم فيه بإيقاف التشغيل أو كما يقال وضعية ” النوم المؤقت” للانشغالات غير المهمة ولمدة ثلاثين يومًا وكأنه الحد الأدنى الذي تحتاج إليه أرواحنا لترتوي من جديد، ذكرًا وتفكرًا وصلاةً ودعاءً وقراءةً للقرآن.
يأتي شهر رمضان كل عام لنتوقف ونسكن وننظر لدواخلنا التي انشغلنا عنها طويلًا فأصابها العطب.
يأتي شهر رمضان كل عام ليفرغ القلب للتذكر والتدبر والنظر والتأمل فنرى حقيقة أنفسنا.
يستنير القلب بالله وحده سبحانه ولكي يكون القلب جاهزا للاستنارة بنور الله فهو بحاجة لأن ينقى من الشوائب أولًا ليتحلى بالفضائل.
نَظَرنا إلى الداخل يساعدنا على فهم ذواتنا وفهم ما في قلوبنا حتى نتمكن بعد ذلك من معرفة ما نحتاج إلى تغييره في أنفسنا ليغير الله ما فينا. فالقلب هو المكان الذي يمكن أن يحدث فيه التغيير؛ إذ يعني التقلب والتدوير، والقلب في حالة ديناميكية مستمرة ولديه القدرة على التغيّر.
لذلك ندعوك في هذا الشهر الكريم أن تأخذ وقتًا للتفكر والتأمل ومشاهدة ما في داخل قلبك وما هو مشغول به!
السعي نحو الحضور/الواقع موجود حقيقة في هنا والآن
في حالة الحضور عودة إلى طبيعتنا الحقيقية؛ فنحن نعود لبشريتنا وفطرتنا كأرواح كانت في حالة مشاهدة! حين أشهدنا الله سبحانه وتعالى “ألست بربكم” فشهدنا بوجوده سبحانه وتعالى أنا وأنت شهدنا وأجبنا “بلا شهدنا” ذاكرتنا الغيبية تعلم ذلك “وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ” الأعراف آية ١٧٢
فالشهادة أكثر من مجرد موافقة؛ هي تجربة وإيمان حقيقي ويقين بالله سبحانه وتعالى أنه المتفضّل والمنعم بالإيجاد والخلق، وبالتالي فإننا عند الحضور نعود لفطرتنا التي خلقنا الله عليها. يقول ابن عطاء الإسكندري:” النعيم، وإن تنوعت مظاهره فهو بشهود الله والاقتراب منه فحلاوة طمأنينة الشهود والقرب من الله عز وجل هي من مظاهر النعيم، فالمشاهدة هي معاينة عظمة الله عز وجل في مخلوقاته مما يدخل ضمن مقام الإحسان” أن تعبد الله كأنك تراه”.
فعندما نكون في حالة تشتت دائم في هذه الدنيا المليئة بالمشتتات والتي زادت حدتها خصوصًا في زمن شبكات التواصل الاجتماعي، نتشتت بذلك عن معاينة اللحظة والتفكر في خلق الله، نتشتت عن معاينة أنفسنا ومحاسبتها وفهم ما في قلوبنا، نتشتت عن الشعور وفهم ما يريد أن يقوله لنا، فندخل بذلك في قطيعة مع فطرتنا ونشعر بالوحشة ذلك أننا ابتعدنا عن كينونتنا التي خلقنا الله عليها.
نحن بحاجة إلى أن نتعلم حقًا كيف نكون حاضرين بقلوبنا وأرواحنا وأجسادنا معًا!
خطوات نحو الحضور
١. القلب هو مقر الوعي، ولكن كيف لنا أن نلمعه من كل القشور التي تراكمت عليه حتى نتمكن من العودة إلى حالة الشهادة ولفطرتنا الأصلية؟ قد يكون الأمر مخيفًا لأننا عندما نرى ما بدواخلنا وما هو موجود، قد لا نرغب في أن نكون معه، قد يكون الأمر مخيفًا وغير محتمل! وقد تتكشف لنا أمورًا لا نرغب في مواجهتها! ولكن علينا الإيقان أن الله سبحانه هو من سيغير هذا القلب، مهمتنا هي أن نسعى! “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”) الرعد:11)
٢.عندما نكون في حالة الحضور علينا أن نستذكر أننا لسنا بمفردنا، لسنا وحدنا، فنحن لا نعتمد فقط بشكل كامل على ما نتوصل إليه ونحاول التعامل معه! نحن في معية الله ومع الله سبحانه وتعالى في حالة تامة من الاستسلام والتسليم. ذكر الله سبحانه وتعالى يساعدنا على الحضور ويطمئن قلوبنا ويريحها يقول اللهُ تبارَك وتعالى في الحديث القدسي: “أنا مع عبدِي ما ذكَرني وتحرَّكَتْ بي شَفَتاه”. إحضار ذكر الله لقلوبنا سيكسوها بالراحة والسكينة. ندعوه أن يكسو قلبك بذكره ويكشف لك ما يحتاجه قلبك ليتعافى ويزهر.
٣. يقول الإمام الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين (أما التدبر والتأمل والتفكر: فعبارات مترادفة لمعنى واحد ليس تحتها معانٍ) التفكر أو التدبر أو إمعان الفكر أو الاستبصار هو إطلاق الفكر والعقل في أمر أو شيء ما. وهو تصرّف قلبي بالنظر في دلائل الله في الكون يقول القرطبي في تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض) “هو التفكر في قدرة الله سبحانه تعالى في مخلوقاته، ليكون ذلك أزيد في بصائرهم: وفي كل شــيءٍ له آيةٌ تدُلُّ على أنَه واحـدُ.”
التفكر والتدبر والتأمل هو مطلب شرعي أمرنا الله سبحانه وتعالى به وذم من لم ينظر ويتفكر بحواسه فقال تعالى : ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا﴾. هذا يعني أن التفكر عمل قلبي وليس فقط عقلي.
٤. إن التحول عملية قلبية. فقد ورد في الحديث بأن تفكر ساعة خير من عبادة سنة وكثر الحث في كتاب الله تعالى على التدبر والاعتبار والنظر،
قال الحسن: “إن أهل العقل لم يزالوا يعودون بالذكر على الفكر وبالفكر على الذكر حتى استنطقوا قلوبهم فنطقت بالحكمة”. نعم إذا حَصَلَ الْعِلْمُ فِي الْقَلْبِ تَغَيَّرَ حَالُ الْقَلْبِ وَإِذَا تَغَيَّرَ حَالُ الْقَلْبِ تَغَيَّرَتْ أَعْمَالُ الْجَوَارِحِ. يقول الإمام الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين: ” فالْفِكْرُ هُوَ الْمَبْدَأُ وَالْمِفْتَاحُ لِلْخَيْرَاتِ كُلِّهَا” وذكر القلب خمس درجات؛ أولاها التذكر، وثانيتها التفكر، والثالثة حصول المعرفة المطلوبة واستنارة القلب بها، والرابعة تغير حال القلب عما كان بسبب حصول نور المعرفة، والخامسة خدمة الجوارح للقلب بحسب ما يتجدد له من الحال. والتفكر يكون في ربه وفي نفسه. ففي نفسه فيكون تفكره في صفاته التي تسقطه من عين الله عز وجل حتى يتنزه عنها أو في الصفات التي تقربه من الله وتحببه إليه حتى يتصف بها. ندعوك إلى الذكر أولًا ثم الانتقال إلى التأمل والتفكر في خلق الله سبحانه وتعالى ثم الانتقال إلى التفكر في ذاتك وما في قلبك، ليستضيء القلب فيحدث التغيير.
٥. محاسبة النفس أمر واجب في عملية التفكر وتنقية القلب من أي مرض قلبي، المحاسبة ممارسة داخلية بحيث تحاول استبصار أحداث يومك ومعرفة ما الذي يثير انفعالك؟ ما هي المشاعر المهلكة التي تظهر وما السبب؟ في كثير من الأحيان تسقط الخطأ على الآخرين ولكن في الحقيقة قد يكون الانزعاج بسبب أمر لا تحبه في نفسك أنت! عندما تركز في أخطاء الآخرين فإنك تفوت الفرصة لتعلم شيء ما عن نفسك لكي تنمو من خلالها. نحن مرآة لبعضنا البعض حتى في العلاقات الصعبة، هناك شيء ما سيتكشف لنا عن أنفسنا! وللحصول على هذا الاستبصار بالإمكان التدوين في مدونة يومية كل الأحداث التي تثير انفعالك وغضبك أو أي مشاعر أخرى من أمراض القلوب، الأمور التي تشعر نحوها بالامتنان، الأمور التي تريح قلبك محاولًا الاستبصار نحو ذاتك. ما هو النمط الذي يتكرر ويحاول أن يخبرك تكراره أن هناك ما يحتاج إلى المواجهة؟ هي عملية صعبة حقًا وغير مريحة مثل الجلوس قرب النار بمقدار يدفئك ولا يحرقك لتحصل على الدفء والضوء الذي ينير القلب! يمكنك الاستعانة بصديق صادق في هذه العملية العميقة التي تحاول فيها اكتشاف ذاتك وأنماطك.
٦. خلال عملك القلبي لتفقد قلبك ندعوك للتحلي بالرحمة وألا تقوم بجلد ذاتك في حال اكتشافك ما يحمله قلبك من أمراض إن وجد؛ فكلنا “خطّاء، وخير الخطائين التوابون”. تذكر أن الله سبحانه وتعالى هو الرحيم الذي شملت رحمته كل شيء الله هو الودود هو الذي يحب الخير لك فيحسن إليك، وينعم عليك على سبيل الابتداء. وهو التواب الذي يفرح بعودتك ” يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ” الزمر آية 58. ويقول في حديثه القدسي (يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك لا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة). اسمح لنفسك أن تتلقى رحمة الله سبحانه واستشعر أن الله يحبك لأنك عبده ونفخ فيك من روحه عز وجل.
لحظة تفكر
بإمكانك في البداية استحضار السكون من خلال إرخاء جسدك وجعله في حالة سكون، اترك كتفيك يتدليين
ابدأ بالتنفس الهادئ ثم أغلق عينيك أو انظر للأسفل وكأنك تنظر إلى قلبك لتركز على ما فيه محاولًا إزالة المشتتات بعيدًا عنه. ولكنك لا تستطيع لكثرة الأصوات من حولك؛ الأصوات التي من المحتمل أن تشتت انتباهك، حاول التركيز على صوت واحد؛ هو صوت قلبك.
في هذه اللحظةِ، أُدْعُوكَ أَنْ تَأْخُذَ نَفْسًا عَمِيقًا، شَهِيقًا وَزَفِيرًا، وأنت مغمضٌ عَيْنَيْكَ
مَاذَا تَلَاحَظُ فِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ بَالذَّاتِ؟
مَاهِيَ الْأَصْوَاتُ الَّتِي يُمْكِنُكَ سَمَاعُهَا؟ هَلْ هِيَ أَصْوَاتٌ بَعِيدَةٌ أَمْ قَرِيبَةٌ؟
افْتَحْ عَيْنَيْكَ
مَا هِيَ الْأَلْوَانُ الَّتِي تَرَاهَا مِنْ حَوْلِكَ؟
مَا هِيَ دَرَجَةُ الْحَرَارَةِ فِي الْغُرْفَةِ؟ هَلِ الْجَوُّ دَافِئٌ أَمْ بَارِدٌ؟
كَيْفَ يَشْعُرُ جِسمُكَ؟ هَلْ تَشْعُرُ بِالاِسْتِرخَاءِ أَمْ بِالنَّشَاطِ؟
خُذْ نَفَسًا عَمِيقًا، شَهِيقًا وَزَفِيرًا
لَاحِظِ الْمَكَانَ الَّذِي تتنفَّسُ منه بِقُوَّة، هَلْ هُوَ مِنْ أَنْفِكَ؟ مِنْ بَطْنِكَ؟ أَمْ مِنْ صَدْرِكَ؟
رَكِّزْ عَلَى مَسَارِ الْأُكْسِجِينِ دَاخِلَ جَسَدِكَ، بِدَايَةً مِنْ أَنْفِكَ، مُروراً بِرِئَتَيْكَ، واستشعِرْ كيفَ تَتَجَدَّدُ كُلُّ خَلِيَّةٍ مِنْ خَلَايَاكَ مِنْ غَيْرِ أَيِّ جُهْدٍ! إنه اللَّهُ وحدَه هوَ مَن دَلَّ كُلَّ عُضْوٍ بما يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهِ بِكُلِّ يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ.
حَاوِلْ الآن أَنْ تُرَكِّزَ عَلَى تَنَفُّسِكَ لِكَيْ يَهدَأَ عَقْلُكَ ويسْكن.
ثُمَّ ارْفَعْ يَدَيْكَ وَتَوَجَّهْ لِلْقِبْلَةِ.
وَادْعُهُ سُبْحَانَهُ بِاسْمِهِ الرَّشِيدِ أَنْ يُرْشِدَكَ لِلطَّرِيقِ الصَّحِيحِ
أَنْ يُعِيذَكَ مِنَ الشَّيْطَانِ وَوَساوِسهِ
وَقُلْ: يَا اللَّهُ أَنْتَ خَلَقْتَنِي وهَدَيتَني، أَنْتَ خَلَقْتَنِي وَخَلَقْتَ كُلَّ نَجْمٍ وَكَوْكَبٍ فِي هَذِهِ السَّمَاءِ
كُلٌّ يَمْشِي فِي مَسَارِهِ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ اصْطِدَامٍ
(لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ يس ٤٠
دُلِّنِي وَأَرْشِدْنِي عَلَى الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ
أَرْشِدْنِي يَا اللهُ أَنْ أَرَى الْأَشْيَاءَ عَلَى حَقِيقَتِهَا
وَأَنْ لَا يَغُرَّنِي الشَّيْطَانُ وَيُغْرِينِي
أَعُوذُكَ بِكَ مِنْهُ
ذَكِّرْنِي يَا اللهُ أَنْ أَسْتَرِشَّدَ بِكَ فِي كُلِّ حِينٍ
أَرْشِدْنِي لِلْخَيْرِ وَالْحَقِّ
وَهيئ لِي مِنْ أَمْرِي رِشْدًا
طهر قلبي يا الله ونقّهِ من كل شائبة
*تنويه
قد تعتقد أن التفكر الذي نقوم به يشبه ممارسة التأمل في تقاليد أخرى. ذلك لأن ما نصفه يبدو مشابهًا جدًا لما يفعله الآخرون في التأمل، ولكن الاختلاف هنا هو في القصد والنية مما تفعله! النية ليست مجرد حصول الاسترخاء والوصول إلى الحضور الصحيح وربما حتى الاستسلام للحظة. ولكن بالنسبة للتأمل والتفكر الذي نقوّم به نيتنا هي أن نجعل أنفسنا تتوافق مع طبيعتنا الحقيقية كشهود لله عز وجل وأن نسمح بأن نكون على اتصال أعمق بفطرتنا لنصل إلى حالة الاستسلام والخضوع لله سبحانه وتعالى. فالاسترخاء هو مجرد بوابة لأن نكون حاضرين وفي حالة مشاهدة.
لقد خلقنا الله عز وجل ونحن بفطرتنا نبحث عن الخضوع لما هو أكبر منا، جبلنا وخلقنا على أن نكون عبيدًا خاضعين وإذا لم نقم بالخضوع له سبحانه، سينتهي بنا الأمر إلى أن نكون عبيدًا لشيء آخر! يمكننا أن نترك إلى العدم، ويمكننا أن نكون عبيدًا للشهرة، الماديات، المال، ولأمورٍ أخرى كثيرة هي بمثابة أصنام العصر الحديث!
نحن بحاجة إلى القيام بهذا العمل داخليًا من أجل التغيير، لذا يلزمنا التفكير في أنفسنا والنظر إلى دواخلنا لمعرفة ما نحتاج إلى تغييره. وشهر رمضان هو الوقت الأنسب للقيام به!
حتمًا هناك الكثير من اللآلئ المختبئة بداخلك! عند تنقيبك عنها ستجدها وستلمع!
فاللهم افتح أقفال قلوبنا بذكرك افتح لنا فتحًا مبينًا واهدنا صراطًا مستقيمًا، اللهم وعرفنا بك وأخلص قلوبنا من الشوائب والهوى والشيطان لنذكرك كثيرًا ونشكرك كثيرًا إنك بنا بصيرًا. اللهم وارزقنا قلوبًا حاضرة بذكرك، أنزل على قلوبنا الراحة والسكينة واجعلها أوعية تتنزل عليها أنوارك. زكّي قلوبنا وطهرها برحمتك يا أرحم الراحمين.
_____________________________________________________
المراجع: – Dr. Abdallah Rothman- midnight moments series
إحياء علوم الدين – أبو حامد الغزالي.
Be the first to know about our new products and promotions and enjoy the enriching weekly newsletters.
تعليق واحد