خديعة الخطاب الرومانسي

post Image>

كيف يؤثر الخطاب الرومانسي على العلاقات الحميمة؟

يغزو الخطاب الرومانسي ساحة العلاقات العاطفية بوضوح، وتنتشر فكرة الحب الرومانسي بشكل مكثّف في الأفلام والمسلسلات والروايات وغيرها، إلا أن هذا الخطاب يتضمن تصوّرات غير واقعية ومشوهة عن الحب والزواج، والتي بدورها تؤثر على العلاقات الحميمة، سنتناول هنا ٤ أخطاء يروج لها الخطاب الرومانسي:

أسطورة الحب من أول نظرة!

يولي الخطاب الرومانسي مكانة مبالغ فيها للعواطف والمشاعر الفردية على حساب المنطق والواقع، ويروج لفكرة الحب من أول نظرة للشريك، وأن إحساسك سيدلك عليه وعليك أن تثق بهذا الإحساس، وأن مشاعر الإعجاب الأولية كافية لإقامة علاقة متينة، وبالتالي يصبح معيار الارتباط الأساسي هو المشاعر،  وليس الأسباب والدوافع المتزنة والتقييم المحايد، في حين أن العلاقات لا تُبنى فقط على المشاعر لكونها عرضة للتغيير والتقلب.

الإفراط في التفاؤل

“And they lived happily ever after”
“وعاشوا بسعادة إلى الأبد”
الخطاب الرومانسي مفرط في التفاؤل وغير واقعي، فهو يصور العلاقات الرومانسية على أنها حب أبدي، دائم السعادة، لا يصيبه الملل، ولا المشكلات، وفي حال أصابه ذلك، فهذا لأنه لم يكن الشريك المنشود، أو لم يكن حبًا كافيًا، وفي الواقع أن العلاقات لا تخلو من المشكلات والخلافات، وقد يصيبها الضجر أو تخبو حرارة مشاعرها بين حينٍ وآخر.


اختزال القرية كاملة في شخص واحد

الخطاب الرومانسي أثقل الزواج وحمله فوق ما يطيق عندما جعل نموذج الحُب موحدًا بعوامل ذات مقاييس غير واقعية ، فهو يدّعي أنه يمكن للمرء أن يكتفي بشريك حياته، وأن هذا الشريك عليه تلبية جميع احتياجاته الفكرية، والعاطفية، والجسدية، والاجتماعية ،والروحية، ووجود هذا الشريك يعني بالضرورة انعدام الشعور بالوحدة، وأنه لابد من إسعاد الشريك في جميع جوانب حياته، وبالتالي يختزل الحب الرومانسي الأهل والأصدقاء والجيران والمجتمع ككل في شخص واحد، وهذا عوضًا عن كونه يضعف الانتماء للأسرة والمجتمع، فهو يثقل كاهل الشريك ويحمله مسؤولية لا يطيقها.

توقع بناء العلاقة بشكل تلقائي دون بذل الجهد

يُظهر الخطاب الرومانسي العلاقة الحميمة وكأنها لا تحتاج إلى جهد من الطرفين لأن انسجامهما سيكون تلقائيًا، فالحب وحده كافٍ لقيام العلاقة، ورعايتها، واستمرارها في نظره، وفي هذا تقليل لدور الجهد المبذول في العلاقات وأهميته. فالحقيقة أن العلاقات الحميمة تُبنى ولا تحدث بشكل تلقائي، فعلى الطرفين بذل الوقت والجهد لرعاية وتطوير علاقتهما، والاتكال على المشاعر وحدها لفعل ذلك غير كافٍ.


خاتمة:

تكمن أهمية الانتباه لأثر الخطاب الرومانسي على العلاقات في عدة نواحي، أهمها هو عدم تشخيص سبب المشكلة الرئيسي، فقد يتصور المرء أن المشكلة في شريك حياته كشخص، وبالتالي لا يلتفت لتصوراته غير الواقعية عن الحب والزواج، أو أن عليه بذل بعض الجهد في هذه العلاقة، مما قد يؤدي إلى إعادة اختيار شريك الحياة بشكل متكرر بحثًا عن توأم الروح المثالي، عوضًا عن العمل على تطوير ذاته كشريك وتحسين علاقته العاطفية. 

المصادر:

معنى الحياة في العالم الحديث، عبد الله الوهيبي، ٢٠٢١، تكوين للدراسات والأبحاث. 

هل الرومانسية الزوجية اختراع حديث، عبد الله الوهيبي، ٢٠١٧، مدونة إلكترونية.

أسطورة الحب من أول نظرة، د. هنري كلاود، تليقرام أ.أحمد سالم 

How Romanticism Has Destroyed Love | Alain de Botton | Google Zeitgeist, Youtube

How Romanticism Ruined Love, The School of Life website. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اثنان × 3 =

3 تعليقات

  1. مَعين بنجرsays:

    الخطاب الرومنسي غير الواقعي، جعل الجميع يرفع من سقف توقعاته للشريك. للأسف، بسبب ما ينقله الاعلام كثير من الأشخاص يضعون توقعات غير واقعية ولا يمكن أن تكون مجتمعة في شخص واحد أبداً. لينتهي بهم الامر غاضبين ومجروحين وغير قادرين على الاستمرار في الحياة مع هذا الشريك لأنهم لا يستطيعون الشعور بالسعادة أو حتى إسعاده هو.

Join our mailing list

Be the first to know about our new products and promotions and enjoy the enriching weekly newsletters.